تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تحرير الأسرى: جزء من استراتيجية شاملة لتحرير الوطن والإنسان

جاء تكريس جلسة لمناقشة قضايا الأسرى، تحت عنوان: "إطلاق سراح الأسرى حق وليس قضية تفاوضية"، يوم 5 نيسان 2014، ضمن جلسات المؤتمر السنوي الثالث للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية/ مسارات؛ متزامناً مع قرب الاحتفال الجدي والمسؤول بيوم الأسير، في 17 نيسان.

كما أن عنوان الجلسة: "إطلاق سراح الأسرى حق وليس قضية تفاوضية"؛ ارتبط بعنوان المؤتمر، الذي هدف إلى بحث الاستراتيجيات الممكنة والمؤثرة لمقاومة المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري، حيث جرى التأكيد على أن إطلاق سراح الأسرى هو "جزء من استراتيجية وطنية شاملة؛ لإنجاز الحرية والعودة والاستقلال"، على حد تعبير القائد الأسير: "مروان البرغوثي"، ضمن مداخلته القيمة، من سجن هداريم/ زنزانة رقم 28، والتي قدمتها للمؤتمر زوجته المحامية "فدوى البرغوثي".

*****

 شكلت أوراق الجلسة إضافة نوعية لمعالجة قضية الأسرى؛ ضمن رؤية تعتمد على الإيمان بحق الشعب الفلسطيني في استخدام أساليب المقاومة كافة، لتحرير أرضه، وعلى أن مطلب تحرير الأسرى يعتبر رأس الرمح في ديمومة المقاومة، التي تهدف إلى تحقيق الحرية للشعب بأسره، وفي رفع معنويات المناضلين والمناضلات، وعلى أهمية بلورة استراتيجية وطنية لتحرير الأسرى.

*****

طرحت الأوراق أسئلة عديدة، موجعة، اتسمت بالجرأة، والمكاشفة:

هل قامت الحركة الوطنية الفلسطينية، بمختلف قياداتها وفصائلها، بواجبها الوطني والتنظيمي تجاه أعضائها الأسرى؟ – علماً بأن إطلاق سراح الأسرى يأتي نتيجة إما تبادل، وإما عملية سياسية، ويتطلب ضغطاً وطنياً ودولياً مستمراً على الاحتلال -.

هل زوَّدتهم بثقافة العمل السري؟ وثقافة التحصين الأمني؟ وثقافة مواجهة التحقيق؟  

هل استخلصت الدروس والعبر وترجمتها لإطار نظري مكتوب وبرامج ومفاهيم، ووظفتها في حماية خلاياها؟!

وهل كان يجب منذ البدء التعاطي مع محاكم الاحتلال، وتقديم الدعم القانوني للأسرى امام جهاز القضاء العسكري والمدني والإسرائيلي؟!

ولماذا لجأ الأسرى لاستراتيجية الإضرابات الفردية عن الطعام؟ أليس بسبب غياب استراتيجية وطنية حقيقية تضمن لهم حقوقهم وتكفل لهم حريتهم غير المشروطة؟!

لماذا لم يشترط لدى التوقيع على اتفاق أوسلو أن يتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين السياسيين كافة؟ وتبييض السجون. لماذا لم يتم الأخذ بالنماذج الدولية، مثل النموذج الإيرلندي، والنموذج الجنوب إفريقي؛ حيث تم إطلاق سراح كافة الأسرى؟!

لماذا لم تحسم صفة المحتجزين الفلسطينيين لدى الاحتلال؟ أسرى أم معتقلين؟!

لماذا لم يتم التوقيع على اتفاقية روما، التي تتيح للفلسطينيين رفع دعاوى جنائية ضد إسرائيليين بتهمة مجرمي حرب؟!

لماذا يعفى الاحتلال من تحمل مسؤوليته كدولة احتلال تجاه الأسرى؟ على صعيد الغذاء، أو الرعاية الصحية؟ أو التعليم؟ أو غيرها من الحقوق، المكفولة لهم/ن، بمقتضى القانون الدولي؟!

*****

ناقشت الأوراق الأسئلة بعمق، وأجابت على الكثير منها، وقدمت توصيات محددة بشأنها – ورقة القائد "مروان البرغوثي"، وورقة "سحر فرنسيس"/ مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وورقة المحامي "ناصر الريس"/ مستشار مؤسسة الحق -هذه القضايا التي تستدعي نقاشاً عميقاً مسؤولاً، من المستوى الرسمي والشعبي؛ يشخص بدقة أولاً؛ وصولاً إلى اقتراحات محددة، تعيد قضية الأسرى إلى الصدارة، التي تستحقها، كقضية حق، ويربطها باستراتيجيات المقاومة.

أجمع المتحدثون/ات، والمعقِّبون/ات؛ على أهمية إجراء مراجعة نقدية شاملة، لقضايا الأسرى، على المستوى الرسمي والشعبي، وتبني استراتيجية قانونية واضحة تجاه الأسرى؛ حيث يتم التعامل مع قضية الأسرى كقضية محورية ومركزية، وتتم دراسة خيار مقاطعة المحاكم الإسرائيلية المدنية والعسكرية، ويجري توحيد الخطاب القانوني والحقوقي، ويتم فتح معارك قانونية مع الاحتلال الإسرائيلي، ويجري تدويل قضية الأسرى، ويتم إلزام الاحتلال بمسؤولياته القانونية عن الأسرى، وتشكل لجنة قانونية، بشراكة ما بين المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني؛ لبحث أفضل السبل لمساءلة مجرمي الحرب، اعتماداً على اتفاقيات جنيف التي وقعها الرئيس الفلسطيني، وميثاق محكمة الجنايات الدولية، الذي لم يوقع عليه بعد.

*****

لن نكتفي بإلقاء اللوم على المستوى الرسمي فقط؛ علينا واجبات تجاه قضية الأسرى، على المستوى الشعبي أيضاً – كما أكدت أوراق المؤتمر.

 رسمياً؛ علينا أن نتعامل مع قضية تحرير الأسرى كحق قانوني، وليس كقضية تفاوضية، وعلينا أن نعيد تدويلها، وننقلها إلى الأمم المتحدة، وبالتحديد إلى محكمة العدل العليا، ومن الضروري أن نلزم الاحتلال بمسؤولياته الصحية والمادية تجاه الأسرى، وأن نتعامل مع قضية تحريرهم كوحدة واحدة، وأن نتوجه إلى الاتفاقيات الدولية التي تحمي حق الشعب الفلسطيني المشروع بالمقاومة بأشكالها كافة، -وأهمها الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، لعقاب مرتكبي جرائم الحرب -.

 وشعبياً، علينا، وبالتوازي والتعاون مع المستوى الرسمي؛ أن نزوِّد مختلف أجهزة الأمم المتحدة بالتقارير المفصلة، حول انتهاكات إسرائيل الجسيمة لالتزاماتها كدولة احتلال، كما أنه من الضروري أن يكون لدى الفصائل الفلسطينية خطة وقائية للتعامل مع القتل والاعتقال والإبعاد. وأن تحارب الحركة الأسيرة الانقسام في صفوفها، وأن يتم ضغط كبير لمقاطعة الشركات التي تتعامل مع مصلحة السجون الإسرائيلية، نظراً لاشتراكها في تعذيب المعتقلين والتنكيل بهم، ومنها شركة G4S التي توفر خدمات أمنية في بعض السجون، وشركة VOLVO التي تزود السجون بالحافلات التي تنقل المعتقلين/ات بين السجون، وغيرها من الشركات التي تبيع الأسلحة والمعدات التي تستخدم في التنكيل والتعذيب.

 وحينها، حين نقوم بواجبنا تجاه من قدموا أرواحهم وحياتهم، في سبيل حريتنا جميعاً؛ نكون قد خطونا خطوة صحيحة باتجاه حرية الوطن وحرية الإنسان.